ما هي الحدود السياسية ???

الحدود السياسية 


هي خطوط وهمية من صنع البشر ولا وجود لها في الأصل، ويتم رسمها كخطوط متصلة أو مقطعة على الخرائط باستخدام الصور الجوية لتبين الأراضي التي تمارس فيها الدولة سيادتها والتي تتمتع فيها هذه الدولة وحدها بحق الانتفاع والاستغلال، وذات خصائص معينة مثل اللغة والأفكار والميول والاتجاهاتوالعملة التي يستعملونها. وبفضل تقدم فن تقنية رسم الخرائط، أصبحت غالبية الحدود السياسية في العالم والتي تفصل دولة عن أخرى واضحة المعالم ومحددة بدقة.
يدخل من ضمن أراضي الدولة ورقعتها السياسية المسطحات المائية التي تقع داخل حدودها السياسية، سواء كانت أنهاراً أو بحيرات أو قنوات مائية، وكذلك أجزاء البحارالتي تجاور شواطئها والتي تعرف بالمياه الإقليمية، وطبقة الجو التي تعلو هذه الرقعة السياسية المحددة. وعند هذه الحدود تنتهي سيادة الدولة وتبدأ سيادة دولة أخرى مجاورة لها بما لها من نظم سياسية واقتصادية خاصة بها وقوانين مختلفة.

لم تعهد سابقاً الخطوط للفصل فيما بينها، بل كانت متعارفة على إقليم التخوم، ولم يكن بينهما من هذه الأقاليم إلا نقاط معينة تنفذ من خلالها التجارة وتقام عندها الجمارك.
ويعرف الحد في اللغة العربية بأنه الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر أَو لئلا يتعدى أَحدهما على الآخر، وجمعه حُدود. أما التخم -وجمعه تخوم- فهو الفصل بين الأرضين من الحدود والمعالم. والحدود كمصطلح جغرافي تعنى حافة الإقليم السياسي للدولة، كما أنَّ الحدود تسهم في خلق شخصيات جغرافية مميزة حضارية على جانبيه. ويتضمن المفهوم التاريخي للحدود على أنها تمثل انعكاسات لتعامل الدولة وتوسعها وانكماشها وتجزئتها، وتعبر عن فلسفتها ودرجة قوتها أو ضعفها خلال مراحل زمنية متتابعة.
وهناك فروق جوهرية بين الحدود والتخوم. فكلمة تخوم توصف بأنها الواجهة المتقدمة لحضارةً ما. أما الحدود فهي توصف بأطراف الأراضي أو الإقليم الذي تحده. وبذلك تقوم التخوم في اتجاه الخارج، والحدود في اتجاه الداخل بالنسبة للدولة.
كذلك هناك عدة فروق اصطلاحية بين الحدود والتخوم، هي:
  • أن اصطلاح التخوم شاع في الماضي، بينما اصطلاح الحدود حديث نسبياً، حيث أن التخوم ظاهرة تاريخية اختفت في الوقت الحاضر، لأن يابس الأرض جرى تتبعه لكل الدول، وحلت الحدود السياسية محل الحدود.
  • تمثل الحدود خطوطاً واضحة المعالم، ومحددة في الفصل بين الدولتين، أما التخوم فهي مناطق وصل تشبه المنطقة المحايدة.
  • الحد السياسي ظاهرة بشرية لأغراض سياسية، بينما التخوم ظاهرة طبيعية ارتبطت بالمواقع الوعرة غير الصالحة للاستيطان البشري، كالصحاري والجبال الشاهقة الارتفاع.
وفي ظل الإمبراطوريات الكبرى القديمة، كانت مناطق التخوم تقع ما بين إمبراطورية وأخرى، أو كانت مناطق تجَاور مع كيانات خارجية أقل حجماً. وفي العصور الحديثة قد استبدلت التخوم بالحدود السياسية في كل أرجاء الأرض، إلا من آخر التخوم وهي الموجودة في القارة القطبية الجنوبية، وكذلك الحدود في أعالي البحار والفضاء الخارجي.

معايير تخطيط الحدود السياسية


تغير الحدود السياسية في قارة أمريكا الشمالية منذ سنة 1750 حتى الآن، والمعيار المسيطر لتغيير الحدود عبر السنين هو معيار القوة ثم المعيار الهندسي.
هناك خمسة معايير رئيسية لتخطيط الحدود هي:
  • المعيار الطبيعي، وهو ما يتعلق بتخطيط الحدود حسب التضاريس.
  • المعيار القومي، وهو ما يتعلق بتأثير الحدود على الأمن القومي للبلاد.
  • المعيار التعاقدي.
  • المعيار الهندسي، أي شكل الحدود من الناحية الهندسية.
  • معيار القوة.
وهذه المعايير ليست في عزلة واحدتها عن الأخرى، إذ أن جميع الحدود في خريطة العالم السياسية إنما تنعكس معيار قوة صانعها. أما فكرة الحدود الطبيعية، فهي وليدة فرنسا فيالقرن الثامن عشر الميلادي، عندما كانت تمثل إحدى أقوى الدول الأوربية، ورأت أن من حقها الادعاء بحيز أكبر من ما أسمته "الإقليم الطبيعي".
ظهرت الحدود القومية كرد فعل ألماني لسياسة فرنسا التوسعية. أي أن ألمانيا حددت حدودها على أساس القومية الألمانية للحد من التوسع الفرنسي. أما الحدود التعاقدية الهندسية فترتبط بالقوى الاستعمارية وتنافسها العسكري، حيث كانت ترسم حدود المستعمرات بالتعاقد بين القوى الاستعمارية عندما كانت تتلاقى نفوذ القوى الاستعمارية، وذلك دون الاستناد لأي معيار طبيعي أو معيار قومي وبشري. ومن هنا ظهرت الحدود الهندسية التي تستند إلى خطوط الطول ودوائر العرض. وبناءً على ذلك نجد أن العديد منالجماعات العرقية الواحدة أو الشعب الواحد على سبيل المثال قد قطع أوصاله وشتت على دول مختلفة، وفق تجاهل لكل ما هو قومي أو طبيعي.
هناك أربعة معايير أساسية لترسيم الحدود السياسية، أولهم المعيار الإستراتيجي في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى، والمعيار الإثنوغرافي الحضاري في فترة ما بين الحربين العالميين، والمعيار الاقتصادي في الوقت الحاضر، أما المعيار الرابع فهو القوة والقهر والاتفاقات الغير متكافئة.


مراحل وضع الحدود السياسية

لا يُمكن لأي دولة أن تضع حدودها بمفرها دون استشارة الدول المجاورة وإلا وقعت في نزاعات وحروب لا نهاية لها خاصة إذا تعدت على ملكية وأراضي دولة أخرى، لذلك وجب وضع قواعد محددة لصياغة الحدود السياسية كما يلي:

تعريف الحدود

  • وفيها يتم وضع المعاهدات بين الدول مجاورة وتوضيح ووصف الحدود وصفاً تفصيلياً وتحديد مسارها والأماكن التي ستخترقها بشكل دقيق تجنباً لأي نزاع أو حروب بين أطراف المعاهدة فيما بعد.

تحديد الحدود

  • فيها يتم رسم الحدود على الخرائط وفقاً للشروط التي تم توقيع المعاهدات على أساسها.

تعيين الحدود

  • حيث يتم وضع الحدود وتحديدها على الطبيعة باستخدام طريقة متفق عليها بين الدول، سواء باستخدام الأسلاك الشائكة أو البوابات والجدران الأسمنتية وغيرها.

فرض السيادة

  • فيها تقوم كل دولة بوضع نقاط حراسة ومراقبة على حدودها لمنع أي شخص من التسلل إليها أو تهريب أشياء ممنوعة إلى داخل أراضيها.

أنواع الحدود السياسية

ظواهر طبيعية

  • وتعتبر أفضل وأسهل أنواع الحدود عند رسمها على الخرائط، حيث تتخذ بعض الدول بعض الظواهر الطبيعية كالأنهار أو السلاسل الجبلية كحدود تفصل بينها.

حدود عرقية

  • وفيها يتم تقسيم الدول والأقاليم بناء على الديانات أو الشكل واللغة، فيكون كافة مواطني في هذا الإقليم يدينون بديانة واحدة ولهم لغتهم وعقائدهم الخاصة.

الحدود الهندسية

  • وهي خطوط هندسية كدوائر الطول والعرض وتستخدم في المناطق الغير مأهولة كالصحاري لتحديد المواقع بدقة.

حدود أيدلوجية

  • وهي حدود يتم وضعها بناء على معيار القوة، حيث فُرض أغلبها نتيجة الحروب سواء الأهلية أو الاستعمارية، حيث تنتهي الحرب عادة بفرض حدود جديدة إما بالانتقاص من أراضي الدولة المهزومة لصالح المنتصرة، أو بتقسيم أراضي الدولة الواحدة لعدة دول أخرى كما في حالة الحروب الأهلية.

أهمية الحدود السياسية

تأمين الدولة

  • الغرض الأساسي لوضع الحدود السياسية هو تأمين السكان الذي ينتمون لهذا الإقليم، سواء على الجانب الحربي أو الجانب الصحي ..إلخ، فبدون حدود واضحة ومحددة لن تستطيع أي دولة منع أي شخص من تهريب المخدرات والأسلحة داخل أراضيها، كما لن يُسمح لها بإقامة نقاط التفتيش والحجر الصحي لمنع دخول الأشخاص المصابين بأمراض معدية تجنباً لحدوث أي وباء، بالتالي كلما زادت حدود الدولة السياسية واتخذت شكلاً هندسياً واضحاً كلما زادت الأعباء على الحكومات لتأمينها.

أغراض اقتصادية

  • يحق لكل دولة فرض القوانين التي تنظم اقتصادها والتعاملات التجارية على أراضيها، كما يحق لها فرض رسوم جمركية وضرائب دخول على السلع المستوردة لحماية صناعتها القومية، بالإضافة لحقوقها في استغلال الموارد الطبيعية الموجودة داخل أراضيها من بترول وغاز طبيعي ومناجم ذهب ..إلخ، لكن دون حدود سياسية واضحة لن تتمكن أي دولة من فرض سيادتها وستنشب حروب دامية ونزاعات لا نهاية لها على أحقية كل حكومة بالموارد الطبيعية المتواجدة في بقع معينة.

أغراض ثقافية

  • في البداية كان الغرض من وضع الحدود السياسية هو الحفاظ على هوية الدول وثقافتها وعاداتها وتقاليدها المختلفة، لكن هذا الغرض لم يعد ضمن أغراض الحدود تقريباً، فقد ساهم التقدم التكنولوجي الرهيب في إزالة الفروق الثقافية والسماح بالانفتاح على الدول الأخرى، ما ساهم بشكل كبير في ضياع الهويات الثقافية خاصة بين الأجيال الصادعة، حيث بات أغلب الشباب يقلد الدول الغربية بشكل عمياني دون أن ينتقي منها ما يتماشى مع هويته وثقافته العربية، كما أن الاستعمار ساهم بشكل كبير في تقسيم الأمة العربية وتركها مفتتة رغم أنها تنتمي لنفس الأصل العرقي والثقافي.